من حسن الحظ أحيانا، أن تتعثر في مسارك المهني أو تتظاهر بالتعثر مثل حالتي لكي تختبر مياه بعيدة في بحر لاشاطئ له كما يبدو، يقذفك القدر إلى المجهول بمجرد قبولك لفكرة التغيير، عندما تصبح المهنة لاتحقق ماترمي إليه الذات في نطاق بعيد عن الذات التقليدية مثل اعتلاء المناصب أو شهوة المال، لن ترافق قافلة ولن تحط الرحال في محطة استقرار ، سيكون السكون بعيداً وستكون الحركة والرحيل هي القدر واللذة المنشودة. في بداية الرحيل الأول التقيت الساموراي العريفي لأول مره في محطة بالغة الأهمية في استيعاب الرحيل المهني، هنا تبدأ وتنتهي فكرة الرحيل من حيث الاستيعاب الفكري لها، العريفي من المؤثرين البارزين وكان لي الحظ السعيد للمثول أمامه على طاولة اللقاء الأكثر تأثيراً في حياتي ، مايسترو مخبأ لفن الحياة، اعتنقت فكرة ومازلت من المريدين اللحوحين لتلقي المزيد والتقف مايقول واشاركه بابسط تفاصيل الحياه واعقدها والجأ أليه عند الرغبة بالرحيل المهني والعقلي احيانا، سرعان ما أجد الترياق حاضراً.
كطبيب لساعات طويله يعالج اطفال لايمتلكون القدرة على تحديد العضو المؤلم إلا بالدموع والآنين ، كطبيب يقف بشجاعة أمام أشلاء وأجساد تغطيها الدماء، تنتظر نحبها فاقدة الوعي جراء فقدان عضو أو تعطل آخر في غرف الحالات الحرجة والاسعاف الطارئ….أجساد تنتظر العودة للحياة بلطف الله وشجاعة وتدبير المعالج.كمعلم يقف مضحياً بوقته يدرب أطباء قد رماهم القدر لهذه المهنة النبيله التي في اعتقادي لو قدر لي أن اكون جراحاً لملئت المقابر من الضحايا، لأن الطب والرياضيات في قاموسي لايمكن تعلمها إلا بمعجزه ، بالكاد تحققت الثانيه بتقدير ( قرآتها ولم أشرك، حماية الله ) . كرب أسره يقدر نعمة العائلة والانتماء ، كولد لأم دعواتها حققت ، كمرشد ، كا مقدر لنعمة الوطن والأرض ، كداعية للتبصر في العقول التي لا نعرفها، كمتحدث لبق، كمشارك لهموم الناس وتفاعلاهم وتحمل عقول الجامحين أمثالي ، كا مبشر بالسرور والفرح والبساطة وفن التعاش.القاسم المشترك هو ان الساموراي الياباني من سماته :الالتزام والإتقان المهني ،الشرف والنزاهة،روح التضحية والخدمة،الانضباط والتركيز،الشجاعة والقوة. على الرغم من أن النموذج التقليدي للساموراي قد زال، إلا أن بعض مبادئه وقيمه لا تزال ذات تأثير في مجتمعات مختلفة حول العالم، سواء في مجال الأعمال أو الفنون أو السلوك الشخصي.لن اُفصل في السمات، بعضها ربما لاتروق للعريفي مثل طقس "هاراكيري" عند الساموراي الذي كان فريداً من نوعه كتعبير عن البطولة والشرف، هذا تحديدا كان محل جدل ممتع بيني وبينه، من حيث انه قد تم اعدادي مسبقا للقتال وليس لعلاج الجرحى ! وهنا بدأت طرفة الكيمياء وتبادل الود .
العريفي يجيد فنن اللقاء بإمتياز، فن اللقاء هو مجموعة من المبادئ والممارسات التي تهدف إلى إقامة علاقات إنسانية ذات جودة عالية. وهو أمر بالغ الأهمية في العديد من المجالات مثل الأعمال والسياسة والحياة الاجتماعية.
مايسترو لآنه ملهم: استاذ في إنشاء تواصل بصري ولغة جسد إيجابية.استاذ في الاستماع بنشاط والتركيز على الطرف الآخر.بروفسور في استخدام أسئلة مفتوحة لتعميق الحوار.إنسان في إظهار الاهتمام الحقيقي بالشخص والاستفسار عن حياته.إنسان في إظهار الاحترام والتقدير لوجهات نظره وخبراته.بروفسور في البناء على نقاط التشابه والاهتمامات المشتركة.بارع في الظهور بانطباع مناسب وملائم للموقف.بارع في المرونة في السلوك للتكيف مع الشخص والموقف.ملهم في الحفاظ على حضور إيجابي ومشرق.استاذ في بناء الثقة والتفاهم المتبادل.تلقائي في توثيق العلاقة بمتابعة وتواصل مستمر.
عندما قررت تغيير المسار المهني، شاء الله أن يكون تحدياً لا مثيل له ، من مهنة تعنى بالأمن والدفاع إلى مهنة إدارة مشروع في الرعاية الصحية، لم يدور في ذهني إلا السخرية من هذا النصيب المتعثر ، لابأس فمصفوفة الخيبات تكاد تتسع لمزيد من القفزات الحمقاء، سأذهب للقاء.لم اسمها مقابلة شخصية لوظيفه اطلاقاً، في واقع نفسي كنت إكن قناعة الرفض ، تسميتها لقاء أقل ضرراً من الرفض، اللقاء ربما يكون ودي، لا التزام معنويا ذو شأن فيه باستثناء الحديث باسترسال والقهوة وربما نزهة في الوجوة والانطباعات والذهول أو صناعة صديق ساخر على أعلى تقدير، كنت تواقاً لأرى هل من الممكن أن تحدث كيمياء بين ضمادين للجروح و بحار للتو خلع قبعة البحر تعتلي جسدة وروحة بقايا ملح رطب قد جف خلال البحث المضني عن موقف سيارة، للتو خرج من زحمة كبري الخليج! .في الدور السابع، غرفة فسيحة تتسع لفيلق بحري ، ملئت بكل أطياف الناس ذكور وإناث تشبة لوحة لبيكاسو مع فارق السبق والترصد، مدججين بأوراق وأقلام كأنهم رسامين من روما أو نحاتين جذوع نخيل هجروا مهنتهم، ربما ملائكه يرصدون الأعمال مع المفارقة في التشبيه لان معظمهم لايشبه إلا صورتة في بطاقة العمل المعلقة في الجيب والتي لم اعتد عليها، اعتدت على تعليق النياشين بدلا عنها خاصة نوط المعلم الذي افتخر به ، جاء بعد عناء ورحلة طويله إلي ولاية فلوريدا .منهم المتجهم والمترقب والمستعد للاشتباك وفق قواعد الاشتباك والعقائد التصارعية لشركة استشارية تمتهن التنميط والبيع بأسعار مرتفعه، ملئت الأرض تنظيراً ،تحدت الطبيعة والفضاء ، ثم بدأ الاستجواب .رئيس اللقاء في مقعد مدير الاجتماع عن يساري أو شمالي ( لا أجيد قواعد اللغة ولكن من يعلم ربما أكون بهذا اللسان أقرب للأفئده) ، كان ودودا للغايه ، ملابسه بيضاء مثل روحه، بدأ بافتتاحية هادئة رصينة تنبؤ عن احترافية عالية مريحه، وطلب مني التعريف بنفسي، هنا استجلبت أدوات “ المارينيز” لتسجيل حضور مدوي من آول ثانيه، صوت جهوري مرتفع لم اتصنعة فأنا كذلك، طالما قيل لي من عدة اشخاص هاتفتهم وبعد مقابلتهم كانوا يتوقعون طولي عشرة أقدام، لا أدري ماعلاقة الصوت بالطول، على أية حال يبدو أن الحضور المترصد لم يخب ظنه بأن هذا المرشح لايمت بصلة إلى الوصف الوظيفي المطلوب وبدأت الحرب، منهم من سأل ان الإدارة لن توفر مكتب مرفه وسيكون صغير للغايه، فأجبت بآن ليس لي سابقة بالترف ، انا بحار بالكاد أجد قطعة مستويه تستقر على متن السفينه لكي اكتب، تفجرت ضحكات من هول الإجابة الغير معتاده ثم اختفت .البعض كان تركيزه في الخبرات التي قد تكون ذات قيمة مضافة للفريق وهذا جيد ، بعدها سأل الدكتور العريفي - سيد اللقاء- سؤال مهم للغايه : هل لديك سابق خبره من قريب أو بعيد لصناعة الرعاية الصحية ؟ فأجبت لا : لقد دربت لكي أقاتل واعد الوسائل لذلك ! ، ضحك الجميع من ضمنهم العريفي وقال يبدو أننا بحاجة لعملية تطهير مصطلحات لفظيه هنا ! ، وبدأت كيمياء طريفه بالتشكل. بعد ذلك تم قبولي للوظيفه، وصرح لي العريفي أن ما أردنا هو “بلدوز” لدفع عجلة المشروع وجه جديد على الساحه لكي نشكلة تقنياً أما القدرات القيادية هي ما نبحث عنه.قدمني للدكتور داي لايت فيما بعد، تحفة إنسانية آخرى، حبال وصلها متصلة إلى هذه اللحظه بدون رفع اثقال، يكفي وصلها الأنيق، تذكرني بقصائد فخمه من القرن الماضي.علاقتي بهذا المايسترو استمرت حتى يومنا هذا ، لاجدل بأنه لازال ورشة إصلاح “ البلدوزرات “ المنزوعة الجنازير والتي تشتكي من تفاهة التضاريس التي لا تليق بها.
العريفي: هو الدكتور فهد بن صالح العريفي ، الغني عن التعريف ……