23 Aug
23Aug

قرأت في الفلسفة بحياد وحذر، كنت ابتعد عنها عندما أجد صعوبة لفهم ادبياتها بحكم القراءة الطارئة الغير مختصة، اتضح فيما بعد أنها تستحق التعمق لأنها تفسر كثير من الناتج الثقافي المتراكم للحضارات وتعتبر الفلسفة مهمة لأنها تساعد الأفراد والمجتمعات على فهم أعمق للعالم وذواتهم، وتطوير قدرات التفكير النقدي والأخلاقي، هناك علاقة وثيقة بين الفلسفة والحكمة، لكن الفلسفة ليست مرادفة للحكمة بالضرورة كما قيل لنا ، فيما يلي توضيح لهذه العلاقة:

الفلسفة: هي البحث المنهجي والنقدي في الحقيقة، والمعرفة، والوجود، والقيم.

الحكمة :تعني القدرة على التفكير والتصرف بطريقة صائبة ومتبصرة.


الفلسفة كطريق للحكمة تهدف إلى اكتساب الحكمة من خلال البحث والتأمل في الأسئلة الوجودية والأخلاقية، الفلاسفة يسعون لتطوير الحكمة عبر التفكير والبحث الفلسفي.

"المرء مع من لا يفهمه مثل السجين"                  جلال الدين الرومي

الحكمة أوسع من الفلسفة:الحكمة تشمل القدرة على التصرف الصائب في الحياة بشكل عام.بينما الفلسفة هي البحث المنهجي في القضايا الفكرية والمعرفية.ارتباط الفلسفة بالحكمة:الفلاسفة الكبار كانوا يمتلكون أيضًا الحكمة والتبصر في الحياة.لكن ليس جميع الفلاسفة بالضرورة حكماء في التصرف والممارسة.إذن الفلسفة هي طريق نحو الحكمة، لكن الحكمة أوسع من مجرد الفلسفة النظرية وتتطلب التطبيق والممارسة الحياتية الصائبة

 موقف العرب من الفلسفة عبر التاريخ:

العصور القديمة والوسطى:تأثر العرب بالفلسفة اليونانية، وترجموا الكثير من الأعمال الفلسفية إلى العربية.ظهرت مدارس فلسفية إسلامية مثل المعتزلة والأشاعرة التي أسهمت في تطوير الفكر الفلسفي.فلاسفة مسلمون بارزون مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد ساهموا في تطوير الفلسفة.

العصر الحديث:مع ضعف الحضارة الإسلامية، ابتعد العرب عن الفلسفة لفترة طويلة.في القرن العشرين، شهد العالم العربي نهضة فلسفية مع ظهور فلاسفة مثل طه حسين وزكي نجيب محمود.تأثر الفكر الفلسفي العربي بالتيارات الفكرية الغربية، مثل الماركسية والوجودية والتحليل اللغوي.

التحديات المعاصرة:هناك جهود لإحياء الفلسفة الإسلامية والربط بين التراث الفكري العربي والفلسفات المعاصرة.التأثير المتزايد للعولمة والتغيرات الاجتماعية والسياسية طرحت تحديات جديدة أمام الفلسفة العربية.هناك دعوات لتطوير منهجية فلسفية عربية تتناسب مع السياق الثقافي والاجتماعي.بشكل عام، شهد الفكر الفلسفي العربي تطورًا ملحوظًا عبر التاريخ، متأثرًا بالتيارات الفكرية العالمية، ويواجه اليوم تحديات جديدة لتطوير منهجية فلسفية عربية أصيل.

تعتبر مساهمة الفلاسفة المسلمين في تطوير الفكر الفلسفي العالمي مهمة ومؤثرة بشكل كبير. فيما يلي ملخص لأبرز إسهاماتهم: 

نقل وترجمة التراث الفلسفي اليوناني:لعب المسلمون دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الفلسفي اليوناني وترجمته إلى العربية.مكّن هذا الجهد لاحقًا الفلاسفة الأوروبيين من الاطلاع على هذه الأعمال الفلسفية القديمة.

تطوير وتفسير الفلسفة اليونانية:قام فلاسفة مسلمون بارزون مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد بشرح وتحليل أفكار فلاسفة يونان كأرسطو وأفلاطون.أضافوا تفسيرات جديدة وربطوا الفلسفة اليونانية بالفكر الإسلامي مما أثرى الفلسفة.

.إبداعات فلسفية أصيلة:ظهرت مدارس فلسفية إسلامية مبتكرة مثل المعتزلة والأشاعرة التي ساهمت في تطوير الفكر الميتافيزيقي والكلامي.أنتج بعض الفلاسفة المسلمين أعمالاً فلسفية مبتكرة في مجالات كالطبيعيات والنفس والمنطق.

التأثير على الفلسفة الأوروبية:انتقل التراث الفلسفي الإسلامي إلى أوروبا عبر ترجمات لاتينية، مما أثر على الفلاسفة الأوروبيين في العصور الوسطى.ساهمت الإسهامات الفلسفية الإسلامية في تطوير المدارس الفلسفية الأوروبية كالمدرسية.إجمالاً، يُعتبر الفلاسفة المسلمون من أبرز حلقات الوصل بين الفلسفة اليونانية والفلسفة الأوروبية الحديثة، وقدموا إضافات نوعية وأصيلة للفكر الفلسفي العالمي.

 ابن خلدون:  ابن خلدون هو واحد من أبرز الفلاسفة المسلمين وأكثرهم تأثيراً على الفكر الفلسفي والاجتماعي العالمي. فيما يلي أبرز إسهاماته: علم العمران (علم الاجتماع):طور ابن خلدون نظرية شاملة لفهم ظواهر المجتمع والتاريخ البشري.وضع مفاهيم أساسية في علم الاجتماع مثل العصبية، والحضارة، والتطور الاجتماعي.فلسفة التاريخ:قدم رؤية فلسفية متميزة لفهم وتفسير التاريخ البشري.ربط بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تشكيل المجتمعات والدول.النقد المنهجي:طور منهجية نقدية في دراسة النصوص التاريخية والاجتماعية.ركز على دراسة الأسباب والعوامل المؤثرة بدلاً من مجرد سرد الأحداث.التأثير العالمي:تأثرت به المدارس الفلسفية والاجتماعية في أوروبا في العصور الحديثة.يُعتبر من رواد علم الاجتماع الحديث ومؤسسي فلسفة التاريخ.بهذه المساهمات المبتكرة في مجالات متنوعة، برهن ابن خلدون على إمكانية الفلسفة الإسلامية في الإضافة والإبداع في الفكر الفلسفي العالمي.  

موجز لأهم أفكار فرانسيس بيكون الفلسفية:

الواقعية والتجريبية: بيكون كان من رواد المنهج التجريبي في الفلسفة، مؤكداً على ضرورة الاعتماد على الملاحظة والتجربة كأساس للمعرفة، بدلاً من الاعتماد على الفرضيات المسبقة أو البدهيات.

نقد الفلسفات التقليدية: انتقد بيكون الفلسفات السابقة لعصره، واعتبرها معتمدة على الجدل والحجج المنطقية بدلاً من التجربة والتحقق التجريبي.

الأوثان العقلية: حذر بيكون من التحيزات والأوثان التي تسيطر على العقل البشري وتشوه إدراكه للواقع، مثل التعصب للرأي المسبق والتأثر بالعواطف والانطباعات السطحية.

الهدف العملي للمعرفة: اعتبر بيكون أن الهدف الأسمى للفلسفة والعلم هو تحقيق الفائدة العملية للبشرية، عبر التحكم في الطبيعة واستخدام معارفنا لتحسين أوضاعنا المعيشية.

التقدم العلمي: تنبأ بيكون بإمكانية تحقيق تقدم علمي وتكنولوجي هائل عبر اتباع منهجه التجريبي، وأكد على أهمية تنظيم الجهود البحثية والتعاون بين العلماء.  

 مأثورات فرانسيس بيكون... 

  • المعرفة قوة
  • لا يمكننا أن نحكم الطبيعة إلا بإطاعتها
  • الصمت فضيلة الحمقى
  • الفرصة تخلق اللص
  • الوجه الجميل توصية صامتة
  • من أشبع غيرة منه رخص
  • المال أجمل خادم وأقبح سيد

   رأي

مشكلة المفكر العربي هي نقل العلم كما هو بذريعة الأمانة العلمية – اتفهمها للمترجمين فقط – وبسبب غياب أدوات التفكير يفشل المفكر العربي غالبا في دراسة أعماق الفلسفة مما يدلل على أن علم الفلسفة العربي بحاجة لتجديد ، المأثورات أعلاه نشأت في ظروف ثقافية وسياق ثقافي وتاريخي معين لفيلسوفها، نبذت في البداية، ولكن أصبحت فلسفة معتبرة لاحقا.

نقلها كما هي في قبب الجامعات العربية لغرض الدراسة الحيادية مهم، ولكن غياب المقارنة بمنتوج ثقافي فلسفي عربي أصيل يعتبر كارثة، هناك طرح يرفض فكرة اتخاذ الفلسفة كمنهج في الجامعات لتجنب تكرار مشهد التطرف الذي سيخلق صراع فكري ينتج عنه أحزاب غير ناضجة، وهناك من يقول يوجد تجربة عريقة بالحضارة العربية ثبتت العكس. 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.